إذاعة كل اليمنيين

ردًّا على العدوان الصهيوني: قمة الدوحة الطارئة تتوعد بخطوات ملموسة وتشكيل تحالف رادع

انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأحد، أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة، بحضور ومشاركة قادة وممثّلين عن 57 دولة، في اجتماع استثنائي جاء لبحث تداعيات “العدوان الصهيوني الغادر” الذي استهدف العاصمة القطرية، وسبل الردّ الموحد على هذا التصعيد الخطير.

 

 

وفي كلمته الافتتاحية القوية وضع أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إطار القمة، معلنًا أن “عاصمة بلدي تعرّضت لاعتداء غادر استهدف مسكنًا تقيم به عائلات قادة حماس ووفدها المفاوض”؛ مما أَدَّى إلى استشهاد ستة أشخاص بينهم مواطن قطري.

 

وشدّد آل ثاني على أن هذا العدوان استهدف دولةَ وساطة تبذل جهودًا جبّارة لوقف “حرب الإبادة على غزة”، مؤكّـدًا أن “(إسرائيل) تقصد إفشالَ المفاوضات وأن تحرير مواطنيها ليس على قائمة أولوياتها”، ونحن “عازمون على فعل كُـلّ ما يلزم للحفاظ على سيادتنا ومواجهة العدوان الإسرائيلي”.

 

وربط القادة المتحدثون بشكل مباشر بين العدوان على الدوحة والجهود المبذولة لوقف جرائم الإبادة في غزة، حَيثُ اعتبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن الهجوم يهدف إلى “تقويض الجهود الرامية لوقف العدوان على غزة”، مؤكّـدًا أن “الكيان الصهيوني يتهرّب من القانون الدولي بدعم غربي”.

 

وقد أبرزت الكلماتُ حجمَ المأساة الإنسانية في غزة، حَيثُ أشار بزشكيان إلى استشهاد أكثر من 64 ألف فلسطيني “بسبب القتل والتجويع”؛ بينما أكّـد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم رفضَ بلاده الكامل “لاستهداف المدنيين وتجويع شعبٍ بأكمله في غزة”، داعيًا إلى “وقف العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع (إسرائيل)”.

 

كما هيمنت على كلمات القادة دعوات صريحة لتجاوز لغة الشجب والاستنكار والانتقال إلى مرحلة الفعل الجماعي المنسق، وقد لخّص رئيس الوزراء العراقي محمد شيَّاع السوداني هذا التوجّـه بالدعوة إلى “الانتقال من الإدانة إلى الفعل الجماعي المنسّق بين الدول العربية والإسلامية وتشكيل تحالف عربي وإسلامي واسع لمواجهة التحديات”.

 

وأيّده ملك الأردن عبدالله الثاني الذي اعتبر أن “العدوان على قطر يثبت أن التهديد الإسرائيلي ليس له حدود”، مشدّدًا على وجوب أن يكون الرد “واضحًا وحاسمًا” عبر “قرارات عملية لمواجهة هذا الخطر”.

 

وأجمع القادة على أن الاعتداء على الدوحة ليس حدثًا معزولًا؛ بل هو جزء من سياسة صهيونية ممنهجة لزعزعة استقرار المنطقة بأكملها، وحذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن “سلوك (إسرائيل) المنفلت من شأنه تعزيز رقعة الصراع”، مؤكّـدًا أن القمة رسالتها واضحة: “لن نقبل بالاعتداء على سيادتنا”.

 

من جهته، رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “حكومة نتنياهو تستهدف مواصلة المجازر بحق الشعب الفلسطيني وجرّ المنطقة للفوضى”، لافتًا إلى أن “المسؤولين الإسرائيليين يكرّرون الحديث عن (إسرائيل الكبرى) بنية واضحة لتوسيع العدوان”، وأنها “لن توقف سياساتها ما لم تواجه بردعٍ قويٍّ وعقوبات صارمة”.

 

وتكرّرت في كلمات القادة دعواتٌ ملحّة لتوحيد الصفوف، حَيثُ قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني: إن “طبيعة المرحلة التي تمرّ بها المنطقة تحتّم علينا الانتقالَ إلى موقفٍ موحّدٍ متماسك”، وهو ما اتفق معه نائب رئيس الوزراء العماني، شهاب بن طارق، بالدعوة إلى أن يكون هذا المؤتمر بداية لتحَرّك جادّ لإنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات.

 

فيما أطلق الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيلة، نداءً قويًّا قائلًا: “حان الأوان لتتحَرّك هذه الأُمَّــة كجسدٍ واحد.. فمن يقصف عاصمةً عربيةً آمنةً فَـإنَّه يتحدّى الأُمَّــة بأسرها، ومن يصمت فَـإنَّه يفسح الطريق للعدوان القادم”، أمّا رئيس وزراء باكستان شهباز شريف فدعا إلى “تعليق عضوية (إسرائيل) في الأمم المتحدة” والعمل على “تحقيق حَـلّ الدولتين”.

 

وجاءت كلمات قادة والمالديف والصومال وجزر القمر والكويت وطاجيكستان وإندونيسيا والجزائر؛ لتعزّز هذا الإجماع، مؤكّـدةً أن كيان العدوّ الصهيوني يتصرّف بصلفٍ؛ لأَنَّه آمنٌ من العقاب، وأن الصمت على انتهاكاته “سيكون سابقة خطيرة تقوّض القانون الدولي”، وأن الوقت قد حان لردّ يتجاوز “عبارات الإدانة والشجب التي ملأت تاريخنا وأصبحت تثير سآمة شعوبنا”.

 

ويبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذا الموقف الموحد والغاضب إلى خطوات عملية ومنسقة؛ كون الشارع العربي والإسلامي ينتظر الإجابةَ عن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك إرادةٌ سياسية للتغيير؟، وما هي طبيعة وشكل الفعل الرادع الذي ستتفق عليه 57 دولة؟ والإجابة على هذا السؤال ستحدد ما إذا كانت هذه القمة ستُسجَّل في التاريخ كنقطة تحول حقيقية، أم أن قراراتها ستحالُ إلى أدراج الأرشفة والنسيان كسابقاتها.

قد يعجبك ايضا